ويكي_مصدر arwikisource https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%81%D8%AD%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3%D9%8A%D8%A9 MediaWiki 1.39.0-wmf.23 first-letter ميديا خاص نقاش مستخدم نقاش المستخدم ويكي مصدر نقاش ويكي مصدر ملف نقاش الملف ميدياويكي نقاش ميدياويكي قالب نقاش القالب مساعدة نقاش المساعدة تصنيف نقاش التصنيف بوابة نقاش البوابة مؤلف نقاش المؤلف صفحة نقاش الصفحة فهرس نقاش الفهرس TimedText TimedText talk وحدة نقاش الوحدة إضافة نقاش الإضافة تعريف الإضافة نقاش تعريف الإضافة صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/2 104 212232 405113 404388 2022-08-14T22:36:15Z Nehaoua 7481 /* تم التّحقّق منها */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="4" user="Nehaoua" /></noinclude>{{عنوان|مقَدّمَة}} أحمد الحق تبارك وتعالى ، واصلي واسلم على خاتم أنبيائه ورسله : خير خلق الله ، وأحب عباد الله الى الله .. محمد بن عبد الله ... صلاة وسلاما يليقان بمقامه الكريم، وصلاة وسلاما على سائر اخوانه من النبيين والمرسلين، وصلاة وسلاما على اصحابه والتابعين ، وصلاة وسلاما على كل دعا بدعونه اليوم يوم الدين . وبعد : فان الكتابة في رسول الله ، والقراءة عن رسول الله ، عمل تهنأ به النفس ، وينشرح له الصدر ، ويتفتح معه القلب ، ويأخذ بمجامع اللب ، وتستريح في ظله الخواطر ، وتتسع في رحابه الابصار والبصائر . وكيف لا ؟ ومحمد وحده نبع صافي ، وري شافي ، وهدي كافي ، وسيرته العطرة لا ينضب معينها ، ولا يجف مدادها ، لأنها متلاحمة مع كلمات الله : {{قرآن|قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}} وكيف لا ؟ وهو مثال الانسانية الكاملة ، وملتقى الأخلاق الفاضلة ، وحامل لواء الدعوة العالمية الشاملة !! اما انسانيته : فقد ولدت معه ، ولازمته في أطوار حياته ، وميزته على سائر أقرانه ولدانه ، وصانته من كل زلل ، وحمته من كل شطط ، ودفعته دائما الى الخير، ومثالية السلوك . فكان نبنة رطبة بين قلوب قد قست ، وطباع قد غلظت ، وعواطفه قد جفت ، ومشاعر قد تلبدت ، وعقول قد تحجرت ... وكان زهرة نضرة وسط غابة من الاشواك ، في اطرافها حدة ، وفي جذوعها خشونة وغلظة ، وفي لمسها اذى وايلام ... وكان شجرة سامقة مثمرة ظليلة ، وسط صحراء قاحلة ، وفلاة مجدبة ... وهو في حالاته الثلاث : كثير النفع .. عظيم العطاء .. ولا عجب اذن - قبل أن يكولا رسلا - ان سلطت عليه الأضواء ، ولم تتنازع في انسانيته الأهواء ، وانتزع - عن جدارة - من بين القلوب الغلاظ ، والالسنة الحداد ، اعترافا بعفة نفسه ، وعذوبة حسه ، وسمو سلوكه ، وعلو انسانيته ... فكان الصادق الأمين ! واما اخلاقه : فكانت مستمدة من عند الله ، فهو - سبحانه - الذي صنعه على عينه ، وأدبه فأحسن تأديبه ، وجعله بشرا سويا ، وخلقا رضيا ، وكيف لا ؟ وقد سئلت أم المؤمنين عائشة - رضوان الله عليها - عن أخلاقه، فاجابت : « كان خلقه القرآن » وهل القرآن الا كتاب الله ، وهدي السماء ؟؟ وكيف لا ؟ – ايضا - والهدف من رسالته ، والغاية من دعوته ، ما انصح عنه في عبارته : « انما بعثت لاتمم مكارم الأخلاق » . {{أسفل}}<noinclude><references/></noinclude> 0t5dmv5dpui7tjbplazwkllxg2dmug9 صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/17 104 212247 405107 405044 2022-08-14T21:44:58Z Sandra Hanbo 55945 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="Sandra Hanbo" /></noinclude>البصائر الخاشعة آباء الأنبياء والسلالة التي تصل بين الآخرة والدنيا وبين عالم البقاء وعالم الفناء . '''رجل''' عالم يتطلع إلى نبي .. وأمة تتطلع إلى نبي، ومدينة تتطلع إلى نبي، وقبيلة وبيت وأبوان أصلح ما يكونون لإنجاب ذلك النبي .. ثم ها هو ذا رجل لا يشركه رجل آخر في صفاته ومقدماته، ولا يدانيه<ref>يقاربه</ref> رجل آخر في مناقبه الفضلى التي هيأته لتلك الرسالة الروحية المأمولة في المدينة .. وفي الجزيرة، وفي العالم بأسره. نبيل عريق<ref>اي اصيل</ref> النسب .. وليس بالوضيع الخامل، فيصغر قدره في أمة الأنساب والأحساب .. فقير .. وليس بالغني المترف فيطغيه بأس النبلاء والاغنياء، ويغلق قلبه ما يغلق القلوب من جشع القوة واليسار. يتيم بين رحماء .. فليس هو بالمدلل الذي يقتل فيه التدليل ملكة الجد والإرادة والاستقلال، وليس هو بالمهجور المنبوذ<ref>البغيض الممقوت</ref> الذي تقتل فيه القسوة روح الأمل وعزة النفس وسليقة<ref>طبيعة وفطرة</ref> الطموح، وفضيلة العطف على الآخرين. خبير بكل ما يختبره العرب من ضروب العيش في البادية والحاضرة، تربى في الصحراء وألِف المدينة، ورعى القطعان، واشتغل بالتجارة، وشهد الحروب والأحلاف، واقترب من السراة<ref>علية القوم وسادتهم</ref> ولم يبتعد من الفقراء .. فهو خلاصة الكفاية العربية في خير ما تكون عليه الكفاية العربية .. وهو على صلة بالدنيا التي أحاطت بقومه .. فلا هو يجهلها فيغفل عنها، ولا يغامسها كل المغامسة فيغرق في لُجَّتها<ref>لجة الماء : معظمه</ref>.. أصلح رجل من أصلح بيت في أصلح زمان لرسالة النجاة المرقوبة، على غير علم من الدنيا التي ترقبها . ذلك محمد بن عبد الله عليه السلام .. قد ظهر والمدينة مهيأة لظهوره لأنها محتاجة إليه، والجزيرة<noinclude>{{سطر|align=right|12em}} {{smallrefs}} {{وسط|۱۷}}</noinclude> bx2296pj1rb9o4ml230bw1xjmxxxstq صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/18 104 212248 405108 377570 2022-08-14T21:49:46Z Sandra Hanbo 55945 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="Sandra Hanbo" /></noinclude>مهيأة لظهوره لأنها محتاجة اليه، والدنيا مهيأة لظهوره لأنها محتاجة اليه، وماذا من علامات الرسالة أصدق من هذه العلامة؟ وماذا من تدبير المقادير أصدق من هذا التدبير؟ وماذا من أساطير المخترعين للأساطير أعجب من هذا الواقع ومن هذا التوفيق؟. علامات الرسالة الصادقة هي عقيدة تحتاج اليها الأمة، وهي أسباب تتمهد لظهورها، وهي رجل يضطلع بأمانتها في أوانها. فإذا تجمعت هذه العلامات، فماذا يلجئنا إلى علامة غيرها؟ .. وإذا تعذر عليها أن تجتمع فأي علامة غيرها تنوب عنها أو تعوِّض ما نقص منها؟ خُلق محمد بن عبد الله ليكون رسولا مبشرا بدين، وإلا فلأي شيء خلق؟ ولأي عمل من أعمال هذه الحياة ترشحه كل هاتيك المقدمات والتوفيقات، وكل هاتيك المناقب والصفات؟ لو اشتغل بالتجارة طول حياته كما اشتغل بها فترة من الزمن، لكان تاجرا أمينا ناجحا موثوقا به في سوق التجار والشراة .. ولكن التجارة كانت تشغل بعض صفاته، ثم تظل صفاته العليا معطلة لا حاجة اليها في هذا العمل مهما يتسع له المجال. ولو اشتغل زعيما بين قومه لصلح للزعامة، ولكن الزعامة لا تستوفي كل ما فيه من قدرة واستعداد .. فالذي أعده له زمانه وأعدته له فطرته هو الرسالة العالمية لا سواها، وما من أحد قد أعد في هذه الدنيا لرسالة دينية ان لم يكن محمد قد أعد لها أكمل إعداد . '''بشائر الرسالة''' والمؤرخون يُجهدون أقلامهم غاية الجهد في استقصاء بشائر الرسالة المحمدية .. يسردون<ref>يسرد الحديث، إذا كان جيد السياق له.</ref> ما أكده الرواة منها وما لم يؤكدوه وما قبله الثقات منها وما لم يقبلوه، وما أيدته الحوادث أو ناقضته، وما وافقته العلوم الحديثة أو عارضته، ويتفرقون<noinclude>{{rule|align=right|12em}} {{smallrefs}} {{وسط|١٨}}</noinclude> eym1f16qydf3jlstbuuktisu1fge56a صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/19 104 212249 405109 377569 2022-08-14T21:54:51Z Sandra Hanbo 55945 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="Sandra Hanbo" /></noinclude>في الرأي والهوى بين تفسير الإيمان وتفسير العيان<ref>عيان الشيء بكسر العين، رآه بالعين</ref>، وتفسير المعرفة وتفسير الجهالة، فهل يستطيعون أن يختلفوا لحظة واحدة في آثار تلك البشائر التي سبقت الميلاد أو صاحبت الميلاد حين ظهرت الدعوة واستفاض<ref>استزاد</ref> أمر الإسلام؟ لا موضع هنا لاختلاف .. فما من بشارة قط من تلك البشائر كان لها أثر في إقناع أحد بالرسالة يوم صدع<ref>صدع بالحق، تكلم به جهارا</ref> النبي بالرسالة، أو كان ثبوت الإسلام متوقفا عليها، لأن الذين شهدوا العلامات المزعومة يوم الميلاد، لم يعرفوا يومئذ مغزاها<ref>مقصدها ومرادها</ref> ومؤداها، ولا عرفوا أنها علامة على شيء أو على رسالة ستأتي بعد أربعين سنة . ولأن الذين سمعوا بالدعوة وأصاخوا<ref>استمعوا</ref> الى الرسالة بعد البشائر بأربعين سنة، لم يشهدوا بشارة واحدة منها ولم يحتاجوا إلى شهودها ليؤمنوا بصدق ما سمعوه واحتاجوا إليه. وقد ولد مع النبي عليه السلام أطفال كثيرون في مشارق الأرض ومغاربها، فاذا جاز للمصدق أن ينسبها إلى مولده جاز للمكابر أن ينسبها إلى مولد غيره، ولم تفصل الحوادث بالحق بين المصدقين والمكابرين إلا بعد عشرات السنين .. يوم تأتي الدعوة بالآيات والبراهين غنية عن شهادة الشاهدين وانكار المنكرين. أما العلامة التي لا التباس فيها ولا سبيل إلى إنكارها، فهي علامة الكون وعلامة التاريخ .. قالت حوادث الكون: لقد كانت الدنيا في حاجة إلى رسالة .. وقالت حقائق التاريخ: لقد كان محمد هو صاحب تلك الرسالة .. ولا كلمة لقائل بعد علامة الكون وعلامة التاريخ .. {{أسفل}}<noinclude>{{rule|align=right|12em}} {{smallrefs}} {{وسط|١٩}}</noinclude> haey0qylpmxkdyovnn2hk6p6xn8d2su صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/20 104 212250 405110 377671 2022-08-14T21:58:34Z Sandra Hanbo 55945 /* تم التّحقّق منها */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="4" user="Sandra Hanbo" /></noinclude>{{عنوان|عبقرية الداعي}} اتفقت أحوال العالم إذن على انتظار رسالة .. واتفقت أحوال محمد على ترشيحه لتلك الرسالة .. وكان من الممكن أن تتفق أحوال العالم وأحوال محمد، ولا تتفق معها الوسائل التي تؤدَّى بها رسالته على أحسن الوجوه . كان من الممكن أن ينتظر العالم الرسول، ثم لا يظهر الرسول وكان من الممكن أن يظهر الرسول في البيت الصالح وفي البيئة الصالحة، ثم لا تتهيأ له الصفات التي يتم بها أداء الرسالة . ولكن الذي اتفق في رسالة محمد قد كان أعجب أعاجيب الاتفاق، وكان المعجزة التي تفوق المعجزات، لأنها مع ضخامتها وتعدد أجزائها وتوافق تلك الأجزاء جميعها، مما يقبله العقل قبولًا سائغا<ref> سهلا </ref> بغير عنت<ref>العنت، الوقوع في أمر شاق </ref> ولا استكراه. فكان محمد مستكملا للصفات التي لا غنى عنها في انجاح كل رسالة عظيمة من رسالات التاريخ . كانت له فصاحة اللسان واللغة .. وكانت له القدرة على تأليف القلوب وجمع الثقة .. وكانت له قوة الإيمان بدعوته وغَيرته البالغة على نجاحها .. وهذه صفات للرسول غير أحوال الرسول .. ولكنها هي التي عليها المدار في تبليغ الرسالة، ولو اتفقت فيما عداها جميع الأحوال. '''الفصاحة''' فالفصاحة صفة تجتمع للكلام، ولهيئة النطق بالكلام،<noinclude> {{rule|align=right|12em}} {{smallrefs}} {{وسط|٢٠}}</noinclude> 29nbvyanvd9wxpqltwkudath1odhjad صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/21 104 212256 405111 377672 2022-08-14T22:03:36Z Sandra Hanbo 55945 proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="Nehaoua" /></noinclude>ولموضوع الكلام .. فيكون الكلام فصيحا وهيئة النطق به غير فصيحة، أو يكون الكلام والنطق به فصيحين، ثم لا تجتمع لموضوعه صفة الفصاحة السارية في الأسماع والقلوب. أما فصاحة محمد .. فقد تكاملت له في كلامه، وفي هيئة نطقه بكلامه، وفي موضوع كلامه . فكان أعرب العرب، كما قال عليه السلام: «أنا قرشي واسترضعت في بني سعد بن بكر» . فله من اللسان العربي أفصحه بهذه النشأة القرشية البدوية الخالصة .. وهذه هي فصاحة الكلام. ولكن الرجل قد يكون عربيا قرشيا مسترضعا في بني سعد، ويكون نطقه بعد ذلك غير سليم، أو يكون صوته غير محبوب، أو يكون ترتيبه لكلماته غير مأنوس <ref>المراد : محبوب</ref> .. فيتاح له الكلام الجميل ثم يعوزه <ref>العوز، الفقر والحاجة</ref> النطق الجميل. أما محمد فقد كان جمال فصاحته في نطقه كجمال فصاحته في كلامه، وخير من وصفه بذلك — عائشة رضي الله عنها — حيث قالت: « ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد <ref>المراد، كثرة الكلام في التعبير عن المعنى</ref> كسردكم هذا، ولكن كان يتكلم بكلام بيِّن فصل، يحفظه من جلس إليه» . واتفقت الروايات على تنزيه نطقه من عيوب الحروف ومخارجها، وقدرته على ايقاعها في أحسن مواقعها .. فهو صاحب كلام سليم في منطق سليم .. ولكن الرجل قد يكون عربيا قرشيا مسترضعا في بني سعد، ويكون سليما في كلامه سليما في نطقه .. ثم لا يقول شيئا يستحق أن يستمع إليه السامع في موضوعه. فهذا أيضا قد تنزه عنه الرسول في فصاحته السائغة <ref>السهلة المقبولة</ref> من شتى نواحيها .. فما من حديث له حفظه لنا الرواة الثقات إلا وهو دليل صادق على أنه قد أوتي حقا «جوامع الكلم»، ورزق من فصاحة الموضوع كفاء<ref>أي قدر</ref> ما رزق من فصاحة اللسان وفصاحة الكلام . {{أسفل}}<noinclude> {{rule|align = right|12em}} {{smallrefs}} {{وسط|٢١}}</noinclude> h8z3ilnyr9xhhias2pxtsy2leaolk06 405112 405111 2022-08-14T22:03:43Z Sandra Hanbo 55945 /* تم التّحقّق منها */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="4" user="Sandra Hanbo" /></noinclude>ولموضوع الكلام .. فيكون الكلام فصيحا وهيئة النطق به غير فصيحة، أو يكون الكلام والنطق به فصيحين، ثم لا تجتمع لموضوعه صفة الفصاحة السارية في الأسماع والقلوب. أما فصاحة محمد .. فقد تكاملت له في كلامه، وفي هيئة نطقه بكلامه، وفي موضوع كلامه . فكان أعرب العرب، كما قال عليه السلام: «أنا قرشي واسترضعت في بني سعد بن بكر» . فله من اللسان العربي أفصحه بهذه النشأة القرشية البدوية الخالصة .. وهذه هي فصاحة الكلام. ولكن الرجل قد يكون عربيا قرشيا مسترضعا في بني سعد، ويكون نطقه بعد ذلك غير سليم، أو يكون صوته غير محبوب، أو يكون ترتيبه لكلماته غير مأنوس <ref>المراد : محبوب</ref> .. فيتاح له الكلام الجميل ثم يعوزه <ref>العوز، الفقر والحاجة</ref> النطق الجميل. أما محمد فقد كان جمال فصاحته في نطقه كجمال فصاحته في كلامه، وخير من وصفه بذلك — عائشة رضي الله عنها — حيث قالت: « ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد <ref>المراد، كثرة الكلام في التعبير عن المعنى</ref> كسردكم هذا، ولكن كان يتكلم بكلام بيِّن فصل، يحفظه من جلس إليه» . واتفقت الروايات على تنزيه نطقه من عيوب الحروف ومخارجها، وقدرته على ايقاعها في أحسن مواقعها .. فهو صاحب كلام سليم في منطق سليم .. ولكن الرجل قد يكون عربيا قرشيا مسترضعا في بني سعد، ويكون سليما في كلامه سليما في نطقه .. ثم لا يقول شيئا يستحق أن يستمع إليه السامع في موضوعه. فهذا أيضا قد تنزه عنه الرسول في فصاحته السائغة <ref>السهلة المقبولة</ref> من شتى نواحيها .. فما من حديث له حفظه لنا الرواة الثقات إلا وهو دليل صادق على أنه قد أوتي حقا «جوامع الكلم»، ورزق من فصاحة الموضوع كفاء<ref>أي قدر</ref> ما رزق من فصاحة اللسان وفصاحة الكلام . {{أسفل}}<noinclude> {{rule|align = right|12em}} {{smallrefs}} {{وسط|٢١}}</noinclude> f8xb77o4dpbmw4tgdbt3k7lqre8y8b3 صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/58 104 224412 405099 2022-08-14T17:54:56Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم|٥٢|بشير بين السلطان والعزيز|}}{{سطر}}</noinclude>وإخراجه من مصر. فعاد إلى الآستانة متأثراً وساعده الحظ فأصبح من رجال البطانة لا بل رجلها. فأوغر الصدور واقضَّ على العزيز مضجعه وأكرهه على مناصبة العداء والاستعداد للقتال في سبيل الدفاع عن النفس. ويلوح لنا أن العزيز يئس من إمكانية الوصول إلى تفاهم ودي وأنه رأى أن لا بد من اللجوء إلى العنف ليضمن شيئاً من الاستقرار والطمأنينة ولا سيما وأنه كان قد بذل ما في وسعه لإرضاء السلطان وبطانته فدوّخ الوهابيين وأخضع اليونانيين وأظهر استعداده لمحاربة الروس. وكان أيضاً لا ينفك عن تقديم الهدايا، فإنه في مطلع السنة ١٢٤٣ (۱۸۲۷-۱۸۲۸) وحدها قدم على سبيل الهدية الشخصية نصف مليون غرض إلى السلطان نفسه وخمسين ألف فرش إلى السلحدار الشهرياري وخمسين ألف غرش إلى الصدر الأعظم وعشرين ألفاً إلى شيخ الإسلام وخمسة عشر ألفاً إلى القبودان باشا وخمسة عشر ألفأ غيرها إلى كتخدا الصدر الأعظم ومثلها إلى الريس أفندي (وزير الخارجية) وخمسة وسبعين ألفاً إلى جهات أخرى<ref>محمد علي باشا إلى محمد نجيب أفندي ١٠ محرم سنة ١٢٧٣ (۱۸٢۷): المحفوظات الملكية المصرية ج۱ ص۹٥</ref>. فعمل كل هذا وعندما لبى الطلب لمحاربة الروس وصد طغيانهم أراد أن يرسل جيشه براً إلى الآستانة ولكنه منع بلطف وأشير عليه أن يرسله بحراً وقيل له إذا كان لا بد من إرساله براً فعلی دفعات متوالية!! يأس العزيز من إمكانية الوصول إلى تفاهم ودي مع رجال الآستانة ولجأ إلى العنف في السنة ١٨٣١ ولكنه هل أراد الاستقلال والانفصال عن الدولة أم أنه أراد أن يفرض إرادته فرضاً فيبعد الخصامه عن السلطان ويحيطه بأصدقائه ويستولي على الشام وغيرها فيصبح لديه من المال والرجال والنفوذ والعظمة ما يمكنه من تسيير سياسة السلطنة كما يشاء دون التعرض إلى أمور أخرى قد تثير جماعة المسلمين عليه وتخلق أزمة دولية كبرى لا يمكن التكهن عن نتائجها؟ نقول ليس لدينا من كلام العزيز نفسه ما يخولنا القول أنـه طلب الانفصال عن الدولة أو أنه رغب فيه. وجل ما هنالك أقوال غيره عنه. وأهم هذه ما جاء في رسالة ابنه إليه بعد وصوله إلى [[W:ar:كوتاهية|كوتاهية]] في أوائل السنة ١٨٣٣ وبمناسبة قيام وفد مفاوض إلى الإسكندرية. فإبراهيم يوجب عدم التردد ويرى أن المصلحة تقضي بالمطالبة باستقلال مصر وبضم قبرص و[[W:ar:أنطاليا (محافظة)|أضالية]] و[[W:ar:ألانيا|علائية]] و[[W:ar:قيليقية|إيج إيل]] إلى مصر وكذلك [[W:ar:إيالة تونس|تونس]] و[[W:ar:إيالة طرابلس الغرب|طرابلس الغرب]]. أما [[W:ar:إيالة بغداد|بغداد]] فإنها بعيدة عن مصر قليلة الفائدة ولذا فإنه يكتفي بالمفاوضة بشإنها ولا يتمسك بضمها<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> 9sq6ale1nfy301hv1nk700qdv25twng صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/59 104 224413 405100 2022-08-14T18:28:26Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم||الفصل الرابع: العزيز والسلطان|٥٣}}{{سطر}}</noinclude>إلى مصر. ويرى القائد ابن العزيز أن الاستقلال هو خير وسيلة للتخلص من ظلم حكومة الآستانة وعدم وفائها ومطالباتها بالمال<ref>تجد النص التركي في كتابنا «أسباب الحملة المصرية على سورية» ص ٥٧ ومعه ترجمته إلى الإنكليزية.</ref>. وكان قد سبق لإبراهيم أن كتب إلى والده قبل ذلك بشهر واحد يقول إن مصلحة مصر تقضي بمتابعة الزحف لخلع [[W:ar:محمود الثاني|السلطان]] والتخلص من ظلمه ومكايده ولإجلاس [[W:ar:عبد المجيد الأول|ولي العهد]] مكانه وأنه لا يخشى تدخل الدول الأوروبية إذ أنها لا تستطيع منعه لأن الوقت لا يسمح بذلك إلى أن يقول «أما إذا شرعت هذه الدول في تقسيم السلطنة العثمانية فليس له إلا أن يدعو بالسلامة وليحصل ما سيحصل في أقرب وقت حتى تنتهي هذه المشكلة ويزول الخوف»<ref>إبراهيم باشا إلى محمد علي باشا ۱۹ شعبان سنة ١٣٦٨ (۱۸۳۳): المحفوظات المصرية أيضاً ج ۲ ص ۲۲۰</ref>. ومن هذه الأقوال ما فاه به الأمير الشهابي الكبير حليف العزيز إلى المعلم حنا البحري في أثناء حصار عكة: «أنا كنت أتعشم وما أزال متعشماً في أفندينا أنه يحارب السلطان محمود لأجل فتح الأقطار الواسعة والأقاليم الشاسعة لا أن يتحصن في جبال الدروز ويحتمي بها»<ref>حنا بحري إلى الباشمعاون ۲۲ رمضان سنة ١٣٦٧ (۱۸۳۲): المحفوظات أيضاً ج ١ ص۲۱۹</ref>. ومنها أيضاً ما قاله هذا الأمير نفسه في الرد على أوامر قائمقام الصدارة التي قضت بوجوب التعاون مع عبدالله باشا: قال الأمير لابنه الأمير أمين «إصرف التاتار وقل له عندما تسأل الدولة عن رعاياها تسأل الرعايا عن الدولة» إلى أن قال «يا ولدنا شوفوا أحوال هذه الدولة وضعفها الله يخلصنا منها»<ref>الفن أنطون الحلبي إلى البطريرك يوسف حبيش ٢ كانون الثاني سنة ١٨٣٢: الأصول العربية لتاريخ سورية في عهد محمد علي باشا – لنا أيضاً - ج۱ ص۹۸</ref>. وهناك طائفة من تصريحات رجال الآستانة موجهة إلى الحكام والأعيان في بر الشام تتهم العزيز بالخيانة والخروج فتجعل تجزئة الدولة هدفه والاستقلال غايته، ولكن هذه التصريحات وهي ضرب من الدعاية التي تكثر في الحرب لا يمكن قبولها لما يعوزها من العدالة. فقد تصدق الحكومات فيما تنشر في مثل هذه الظروف ولكنها لا تنشر كل الحقيقة وهي خاضعة بطبيعة الحال لظروف قاهرة تكرهها على التلفيق والنطق بالباطل. وهكذا يكون العزيز وهو ذاك الرجل العاقل المتزن قد تطلب ما يمكن تحقيقه أعني السيطرة على الشام بالإضافة إلى مصر والحجاز كي يتمتع بشيء من الاستقرار ويطمئن إلى المستقبل. وهو ما ذهب إليه المسيو ميمو قنصل فرنسه العام آنئذٍ. وأقرب المقربين للعزيز بين<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> fsz3n3moagtu8l6n1t8mvegpj4js6qo صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/60 104 224414 405101 2022-08-14T19:14:57Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم|٥٤|بشير بين السلطان والعزيز|}}{{سطر}}</noinclude>قناصل الدول أجمعين. فهو يقول مراراً وتكراراً في تقاريره السرية لسفير فرنسه في الآستانة ووزير خارجيتها في [[W:ar:باريس|باريز]] أن العزيز ما فتئ يصرح خاصة وعامة أنه لن يخرج على مليكه الشرعي وأن مصلحته وضميره يمنعانه عن ذلك وأنه لن يترك مجالاً للدولة أن تبعده عن مصر حتى ولو كان بإمكانها أن تفعل ذلك<ref>ميمو إلى سباستياني في ٣٠ أذار سنة ١٨٣٩: الحرب الشامية الأولى لجورج دوان ج١ ص١٦</ref>. ويرى هذا القنصل عينه أن لا أساس لما ظهر في بعض الجرائد والمجلات والكراريس من أن العزيز يطمع في عرش السلطنة وسدة الخلافة<ref>ميمو إلى سباستياني في ١٠ آب سنة ١٨٣٩: المؤلف نفسه ج١ ص٦٢. أما موقف إبراهيم باشا من العرب والخلافة فإنه له وحده فيما يظهر. اطلب تفاصيل ذلك في كتابنا أسباب الحملة المصرية على سورية ص ۸۳ – ٩٦</ref>. ولكنه ربما يرغب في ضم بعض الأقطار العربية ليجعل منها نواةً تنفع في حال تأزم العلاقات الدولية وتجزئة الدولة العثمانية فتصبح دولة مستقلة له ولأولاده من بعده<ref>ميمو إلى سباستياني ٨ آذار سنة ١٨٣١: المؤلف نفسه ج ۱ ص۹ راجع أيضاً كتابنا أسباب الحملة المصرية ص٢٤-٢٥ وفيه من كلام ترجمان عبدالله باشا ما يؤيد هذا الرأي.</ref>. والآن وقد ثبت لدينا أن جـل ما طمح إليه العزيز عند السنة ١٨٣١ هو توجيه بعض الأقطار الشامية إليه يجدر بنا أن نحدد هذا البعض. فهل طلب العزيز إحالة إيالة صيدا إلى عهدته أم إيالة دمشق أم الاثنين معاً أم طرابلس وحلب أيضاً؟ نقول ليس في المحفوظات الملكية المصرية ما يوضح بجلاء تام هذه الناحية من البحث فهنالك غموض في التعبير إن في الوارد إلى القاهرة أو في الصادر عنها. ويستدل من كلام القنصل الفرنساوي المسير ميمو أن هذا الأمر لم يكن محدداً معيناً في مخيلة العزيز نفسه فإنـه قصد أولاً الوصول إلى عكة والاستيلاء عليها وعلق أمر دمشق وإيالتها إلى أن يكون قد أنجز هذه المهمة الأولية ومثله فيما يتعلق بسائر الإيالات<ref>ميمو إلى سباستياني ١٩ أيار سنة ١٨٣١: المؤلف نفسه ج۱ ص۳۳- ٣٤ راجع أيضاً المحفوظات الملكية المصرية ج٢ ص ٧٤ رقم ١٠٧٦ وكذلك لبنان في عهد الأمراء الشهابيين ج٣ ص۸۳۷: «فارتد عليه جواب أن الدولة أنعمت على إبراهيم باشا في إيالة صيدا وأن طرابلس تابعة صيدا من وقت عبدالله باشا».</ref>. وكأني بالعزيز يقول في الرد على هذا السؤال «نبدأ بالاستيلاء على عكة ولكل حادث حديث».<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> 01rqq0vgwov9hlb6tkpbyrs0030ov3s صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/61 104 224415 405102 2022-08-14T19:41:02Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم||الفصل الرابع: العزيز والسلطان|٥٥}}{{سطر}}</noinclude>'''٢ - موقف الباب العالي:''' أخلص العزيز الطاعة للسلطان ربع قرن من الزمن ومحضه الود والنصح. ولم يكن السلطان قليل الوفاء جاحداً أو غبياً أبله لا تمييز له أو متطرفاً في الحمية على التقاليد لا يذعن للحق ولا يريد الإصلاح. ولكنه قبض على زمام الحكم في عصر تأخر وانحطاط كثرت فيه الثورات الداخلية إن في [[W:ar:شبه جزيرة البلقان|البلقان]] واليونان أو في الأناضول والعراق والجزيرة العربية ومصر<ref>والإشارة هنا إلى ثورة علي باشاقيه ديلتلي وحرب العرب وثورة البوشناق ومصطفى باشا الإشقودري وداود باشا وغير ذلك. اطلب أخبارها في تواريخ الدولة العثمانية.</ref> واشتدت فيه روح الاستئثار بالسلطة والانفصال عن السلطنة فتأصلت في نفس السلطان روح الخوف والجزع ولم يعد بإمكانه الصبر على ما نزل به فخرن واضطرب. وقلَّ في ذلك العصر الإخلاص للدولة والملة وغلب فيه الحسد على الرجال والطمع. ففسُدت البطانة وبفسادها فسدت الأحكام. وكان كلما ازداد العزيز قوة وعزاً ازداد حسد حساده في الآستانة وكثرت وشاياتهم. وفي مقدمة هؤلاء محمد خسرو باشا المشار إليه آنفاً. وارتاب السلطان في أمر العزيز منذ أول عهده في الولاية كما سبق فأوضحنا ولكن الظروف قضت بغض النظر عنه فبقي في منصبه حتى قوي وعظم شأنه. وكان من دواعي الارتياب في نوايا العزيز اتصاله ببعض الخارجين على السلطان زعماء البلقان والأناضول والشام وقبول بعضهم في مصر مما أدى إلى امتعاض السلطان وإلى توجيه التكدير الرسمي له بذلك. قال محمد رؤوف باشا في رسالة له إلى محمد علي باشا في منتصف السنة ١٨١٦: «لا بد من إلقاء القبض على محمد بك ابن حسن باشا الألوانلي الذي التجأ الى مصر والتحق بجيش إبراهيم باشا - لا بد من إلقاء القبض عليه وإرساله إلى الآستانة أو إعدامه في مصر خوفاً من أن يقال أن جميع المضغوط عليهم من قبل الدولة العلية يلتجنون إلى طرفكم»<ref>المحفوظات الملكية المصرية ج١ ص١٦</ref>. وكان قد سبق للعزيز أن قبل كنج يوسف باشا في حماه وحاول استصدار العفو عنه وإعادته إلى منصبه السابق والياً على دمشق<ref>المحفوظات نفسها ج۱ ص۱ و۲ و٤</ref>. وفي السنة ١٨٢٨ كتب الصدر الأعظم محمد سليم باشا إلى العزيز يقول إن ما ورد من النقود الذهبية المصرية من فئة الخيرية يحمل العبارة «ضرب في مصر» وإن مثل هذا العمل بعد تجاسراً على الحضرة السلطانية ولذا فإنه يرجوه أن يمتنع عن سك النقود الذهبية<ref>المحفوظات أيضاً ج۱ ص۱۰۲</ref>. وبعد هذا ببضعة أشهر لم يتورع العزيز عن مخالفة السلطان في<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> tn7txhtas4bkj9xroll4lyqequfymix صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/62 104 224416 405103 2022-08-14T19:54:44Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم|٥٦|بشير بين السلطان والعزيز|}}{{سطر}}</noinclude>موقفه من الدول بعد واقعة نوارين الشهيرة. فبينما نرى السلطان يرفض مطالب الدول المتحالفة نزى العزيز يتفق مع هذه الدول على وقف القتال في المورة ويعقد اتفاقاً مباشراً معها على الجلاء<ref>اطلب تفصيل هذا في تاريخ الحركة القومية ونظام الحكم في مصر لعبد الرحمن الرافعي ج ٣ ص ۲۲٥ - ۲۲۹</ref>. فاشتد اضطراب السلطان وذويه ورأوا في هذه الأعمال وغيرها برهاناً ساطعاً على قلة اكتراث العزيز وخروجه وعندما قضت الظروف بالتعبير عن هذه المخاوف قال أحدهم أحمد خلوصي باشا قائممقام الصدارة في رسالة له إلى والي دمشق في صيف السنة ١٨٣١: «ولا يخفى أن والي مصر يرمي إلى غرضين ظاهري وهو الانتقام من عبدالله باشا وباطني وهو الوصول إلى بر الشام مطمح أنظاره والاستقلال بها كما استقل بمصر. واستعداده الحربي السريع تمّ بناءً على اتفاق سابق أحكمت عراه بينه وبين ذلك الثائر الخبيث الإشقودري بواسطة خال هذا الأخير جلال الدين الأخريلي الذي أرسل من قبل ابن أخته أثناء قيامه بالثورة إلى مصر ليستنجد بواليها فقر قرارهما على ما يظهر على أن يقوما بحركة مزدوجة في آن واحد. وبما أن كل هذه التعليمات قد حصلت وقر الرأي عليها سراً بين أربعة من رجال الدولة المخلصين فيلزم عدم اطلاع الغير عليها»<ref>المحفوظات الملكية المصرية ج١ ص ۱۲۳ - ١٢٤</ref>. '''۳ - قضية عبد الله باشا:''' وأدت إصلاحات العزيز الداخلية إلى فرار ألوف من الفلاحين المصريين إلى غزة ويافة وتوابعها فطلب العزيز إلى عبدالله باشا والي صيدا وصاحب عكة أن يأمر بعودتهم إلى مصر وحرر له بذلك رسالة طيبة في منتصف آذار من السنة ۱۸۳۰ أشاد فيها بما عاهد نفسه عليه من عمران الأقاليم المصرية وكيف أنه تحقيقاً لهذا الأمل قام بأعماله الإصلاحيه إقليماً إقليماً ثم كيف أن أهالي [[W:ar:الشرقية (عمل)|إقليم الشرقية]] المتاخم لولاية عكة لم يفقهوا الحكمة من هذه الأعمال الخيرية ففر بعضهم إلى ولاية عكة وإنه لما أدركوا خطأهم وهموا بالعودة إلى أوطانهم لم يسمح لهم بذلك ثم يبين العزيز لعبدالله باشا أنه يجب على شيوخ القرى في إيالته ألا يعارضوا في رجوع هؤلاء إلى مصر ويرجوه أن يبين ذلك للشيوخ كي لا يضطر هو بدوره أن يأمر بجلب الفارين وجلب الشيوخ معهم أيضاً. ويختم بقوله: «أن ولاءنا لذاتكم هو الذي اقتضى تسطير ما ذكر أعلاه»<ref>المحفوظات الملكية أيضاً ج۱ ص۱۱٥</ref>. فأجابه عبدالله باشا بأنه سيسعى لإرجاع الفلاحين<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> qpm7cby4la55641b9ejig8j1hivywq5 صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/63 104 224417 405104 2022-08-14T20:12:59Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم||الفصل الرابع: العزيز والسلطان|٥٧}}{{سطر}}</noinclude>إلى مصر ولكنه يرى أن الباب العالي لا يرضى عن تدخل والٍ بشؤون والي آخر<ref>عبدالله باشا إلى محمد علي باشا ١٤ شوال سنة ۱۲٤٥ (۱۸۳٥) عابدين بحر بر ١ محفظة ١٣ رقم ٦٩</ref>. فعظم ذلك على العزيز وشق عليه ولا سيما وأنه كان قد فعل ما فعل من أجل هذا الزميل الشاب عندما غضب الباب العالي عليه وعزله من منصبه. ومما زاد في الطين بلة أن عبدالله باشا ضبط بضائع لتجار مصريين في إيالته مدعياً أنها لغيرهم من أبناء نابلس<ref>محمد علي باشا إلى برتو أفندي كتخدا الصدر الأعظم ٢٢ ذي الحجة سنة ١٢٤٦ (۱۸۳۱): المحفوظات الملكية المصرية ج۱ ص۱۲۱</ref>. فحنق العزيز عليه واغتاظ وشكا زميله إلى السلطان طالباً وضع حد لهذه المسألة فإما أن يعين وزير آخر على عكة أو أن يصار إلى حل آخر لهذه المشكلة. فأسف الباب العالي كل الأسف ورأى أن يتريث العزيز في الأمر فيفسح المجال للباب العالي لتوبيخ والي صيدا وتأديبه. وغمزت رسالة التأسف هذه قناة العزيز فأشارت في الديباجة إلى أن الجيوش التي حشدها العزيز للتعاون مع الباب العالي في تأديب مصطفى باشا الإشقودري لم تجمع إلا للزحف على عكة<ref>أحمد خلوصي باشا إلى محمد علي باشا غير مؤرخ: المحفوظات أيضاً ج۱ ص۱۲۲</ref>. ثم أوفد الباب العالي اثنين من وكلاء رؤساء الأقلام في الصدارة مصطفى نظيف أفندي وأحمد توفيق بك إلى مصر للتدقيق في هذه القضية نفسها. فاستعرض العزيز أمامها تطورات القضية فذكر خروج عبدالله باشا عن طاعة السلطان عام ١٨٢٢ وتدخله هو في الأمر واستصداره العفو عنه وإعادته إلى سابق عهده في الحكم وكيف أنه انتظر مقابل هـذا صداقة ولياقة وائتلافاً ثم كيف ظن بعض ولاة الأمور أن عبدالله رجل بامكانه أن يقف في وجه محمـد علي فناصروه وشجعوه وبالتالي كيف اجترأ على أشياء تمس بشرف محمد علي وكيف التمس العزيز عندئذ عزله من منصبه. فرأى مصطفى نظيف أفندي أن الحق بجانب العزيز وأكد صدور نطق شاهاني بإحالة إيالة الشام إلى عهدة العزيز لتأمين الحج وطلب إلى العزيز أن يعامل عبدالله باشا وأعوانه بالحسنى وإلا فليعمل السيف برقابهم<ref>محمد علي باشا إلى إبراهيم باشا ۲۷ رجب سنة ۱۲٤۷ «۱۸٣۱ - ۱۸۳۲»: المحفوظات نفسها ج ١ ص ١٦٠ - ١٦١</ref>. ويلوح لنا أن الباب العالي إنما أوعز بهذه الوعود الشفهية ليكسب شيئاً من الوقت ضرورياً لبدء القتال ولا سيما وأنه كان قد كتب بعكس هذا كله إلى والي دمشق ووالي صيدا<ref>المحفوظات ج۱ ص١٢٣-۱۲٤ وقد أشرنا إليها سابقاً. راجع أيضاً رسالة أحمد خلوصي باشا إلى عبدالله باشا ۲ رجب سنة ١٣٦٨ «۱۸۲۹»: المحفوظات نفسها ج۱ ص۱۰۹</ref>.<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> c20g9ok9puttu89mfhyrxxmfar0iph4 صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/64 104 224418 405105 2022-08-14T20:30:04Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم|٥٨|بشير بين السلطان والعزيز|}}{{سطر}}</noinclude>وتشير بعض المراجع غير الرسمية إلى عوامل أخرى عاونت على تأزم العلاقات بين العزيز وبين عبدالله باشا منها أن عبدالله باشا استدان من العزيز مبلغاً كبيراً من المال عند حلول غضب السلطان عليه سنة ١٨٢٣ وأن هذا الدين بلغ ٧٥٠٠٠٠ من [[W:ar:فرنك فرنسي|الفرنكات الإفرنسية]] وأن العزيز طالبه به مراراً فلم يلق منه سوى الماطلة والتسويف<ref>كادالغان وبارو: الحرب الشامية الأولى ص ٣٤</ref>. ومنها أيضا أن الباشا الشاب لم يصن لسانه عن القذف بحق العزيز مدعياً أنه ثاثر خارج عن طاعة السلطان<ref>راجع مثلاً بيان عبدالله باشا إلى أرباب الأمر والنهي في القدس ۲۹ جمادى الأولى سنة ١٣٤٧ (۱۸۳۱) في كتابنا الأصول العربية الخ ج١ ص ٦٤-٦٧</ref>. ومنها أيضاً أن عكة أصبحت قبيل الحرب الشامية الأولى مركزاً للتآمر على سلامة العزيز وسلامة ابنه إبراهيم<ref>كادالفان وبارو: المؤلف نفسه ص ٤١</ref>. ومنها كذلك قول قنصل فرنسة العام في الإسكندرية المسيو ميمو أن العزيز طمع بصندوق عبدالله باشا وما حواه من المال وأن المال المخزون في هـذا الصندوق بلغ ثلاثين مليوناً من الفرنكات الإفرنسية وأن الاستيلاء عليه كان من أهم أهداف الحملة على الشام<ref>ميمو إلى سباستياني ١٩ أيار سنة ١٨٣١: الحرب الشامية الأولى لجورج دوان ج۱ ص ۳۱-٣٢. اطلب أيضاً المحررات الإيطالية السياسية لأنجلو سمارکو ج٨ ص ١٣٥ راجع أيضاً كتابنا أسباب الحملة المصرية ص ۲۸-۳۰</ref>. {{وسط|{{أكبر|'''حيطة العزيز'''}}}} واحتاط العزيز في أمره فشاور صديقه قنصل فرنسه العام في الإسكندرية قبل بدء القتال ببضعة أشهر وألح عليه بوجوب إرسال أحد معاونيه في القنصلية إلى باريز ليطلع الحكومة الفرنسية على ما ينوى العزيز أن يقوم به ويطلب موافقتها ومعونتها لدى المحافل البريطانية التي ما فتئت تنظر إليه بشيء من الريبة والتحفظ. وما أن أشار القنصل إلى اعتدال العزيز وتسامحه في إدارة كريت حتى قال العزيز ألم تر كيف أكرمت رئيس أساقفتها فقدمته على فقهانها وخلعتُ عليه فروة ورفعت عنه وعن ذويه ما كان يثقل كاهلهم من الضرائب؟ ثم أضاف وسينال نصارى الشام من الاستقلال والسعادة ما لم يروه من قبل وسيقرعون أجراسهم متى شاؤوا. أكدوا لحكومتكم ولمواطنيكم تحرري في هذه الأمور<ref>ميمو إلى سباستياني: المذكرة نفسها المشار إليها آنفاً.</ref>. ولقد أصاب العزيز عندما طلب إلى الحكومة الفرنسية أن تعاونه لدى المحافل البريطانية<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> qtjw8ptp969cyln064rkadu1kb1wofu صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/65 104 224419 405106 2022-08-14T20:59:31Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم||الفصل الرابع: العزيز والسلطان|٥٩}}{{سطر}}</noinclude>ذلك أن ساسة الإنكليز آنئذٍ وفي مقدمتهم [[W:ar:لورد بالمرستون|الفيـكونت بالمرستون]] كانوا يؤثرون التعاون مع فرنسة على التعاون مع أية دولة أخرى. ويرون في [[W:ar:استعراش آل بوربون|حكومتها الدستورية الجديدة]] وفي أسطولها خير معونة للصمود في وجه الحكومات المستبدة كحكومة [[W:ar:الإمبراطورية الروسية|روسية]] و[[W:ar:الإمبراطورية النمساوية|النمسة]] و[[W:ar:بروسيا|بروسية]] وتركية. وكانوا آنئدٍ منهمكين في مشاكل سياسية دولية غربية كمشكلة بلجيكة وإسبانية أقرب بكثير إليهم من أي حدث شرقي - مشاكل تتطلب تعاوناً وثيقاً بينهم وبين فرنسة. ويستدل من المحفوظات البريطانية أن وزير الخارجية البريطانية الفيكونت بالمرستون كان لا يزال متردداً في أعماق نفسه متسائلاً ما إذا كان قيام دولة فتية في مصر والشام أقرب لمصالح دولته من الاستبقاء على الدولة العثمانية بكاملها أم لا أو بعبارة أخرى ما إذا كان الحـلُّ الذي لُجئ إليه في اليونان هو ما يجوز تطبيقه في مصر والشام أم لا<ref>اطلب إنكلترة والفرم للدكتور مارولد تمبرلي فهو أفضل ما صنف في سياسة بريطانية آنئذٍ ص ٥۸-٦۲</ref>؟ وكان العزيز قد نال من انتصاراته في الحجاز ونجد وفي المورة مـا أغناه عن أية دعاية مصطنعة في العالم الإسلامي وقد طبق صيته الآفاق وأصبح ذكره على لسان كل متمسك بالشرع والتقاليد وصار بإمكانه أن يعارض السلطان ذاك الذي اجترأ على كل قديم فتزيا بزي الإفرنج وأمر من أمر منهم في الجيش والأسطول مما دعا إلى معارضة رجال الدين وتجرئهم عليه حتى اعترضه أحدهم على جسر غلطه وقال له «کاور سلطان» سلطان کافر! {{وسط|{{أكبر|'''القوى المتقاتلة'''}}}} '''١ - جيش العزيز وأسطوله:''' وكان جيش العزيز مؤلفاً من سبعين ألف مقاتل نظامي منهم ثمانية عشر ألاياً من المشاة وثمانية ألايات من الخيالة وألاي من المدفعيين ووحدات من المهندسين واللغامين. وكان لدى العزيز أيضاً عدد من العساكر غير النظامية يكثر ويقل حسب الظرف والحاجة. وكانت البعثة الفرنسية العسكرية التي ترأسها الجنرال بوابيه قد أشرفت على تدريب المشاة فقامت بهمتها خير قيام من حيث انتظام الحركات ودقة إطلاق النار وسير طوابير الهجوم. وعني الكولونيل راي الإفرنسي بمدفعية الجيش فأدخل عدة تحسينات بمصانع الأسلحة في القاهرة. وكان إبراهيم باشا قد أعجب كل الإعجاب بالخيالة الفرنساويين إبان حرب المورة ووصف ما شاهده لوالده فقرر هذا إعادة تنظيم الفرسان في جيشه وعهد بذلك إلى الضابط الفرنسي بولان دي تارلييه<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> 4a068roeoeb1ywm4sn882tc752rbiqz صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/66 104 224420 405114 2022-08-14T23:27:04Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم|٦٠|بشير بين السلطان والعزيز|}}{{سطر}}</noinclude>فشكل سبعة ألايات لهذه الغاية واختار جنودها من بين عربان الصحراء وابتاع خيولها من الشام و[[W:ar:دنقلا|دنقلة]] وعتادهـا من فرنسة، فجعل إبراهيم من هذه الألايات السبعه لواءات ثلاثة وكان الجنرال برابيه قد اقترح على العزيز تأسيس مدرسة أركان حرب لتنظيم القيادة فوافق العزيز على ذلك وفتحت هذه المدرسة أبوابها في ربيع السنة ١٨٢٥ برئاسة ضابط إفرنسي آخر هو جول بلانا ومعاونة الآخرين أدولف وبولان دي تلاليه وكلاهما من أمهر ضباط أركان الحرب في فرنسة. ولكن الطلبة لم يتذوقوا علوم هذه المدرسة وآثروا الطيش والكسل فبقي جيش العزيز ناقصاً في ضباطه<ref>اطلب التاريخ الحربي لعصر محمد علي الكبير للقائمقام عبد الرحمن زكي ص ٢٥٧ – ٢٧٤ و٣۹۰-۳۹۱</ref>. ومن هنا قول الجنرال ويغان أن ضباط الجيش المقاتـل عام ۱۸۳۱ كانوا يعيشون بالقوانين والأنظمة ولا يكترثون بجنودهم ويؤثرون السير في مؤخرة هؤلاء الجنود بدلاً من الرأس. ولكنه يعترف بفضل الجنود أنفسهم فيذكر حبهم للقتال واندفاعهم في سبيله بشجاعة ونشاط ويرى أنه وإن أعوزهم المظهر فإنهم ظفروا بالجوهر وأنـه كفاهم فخراً أن تطلب حكومة [[W:ar:شارل العاشر ملك فرنسا|شارل العاشر]] معونتهم لفتح الجزائر. وكان القائد الأعلى لهـذا الجيش إبراهيم باشا نجل العزيز الأكبر قوي البنية صحيح العقـل واسع الحيلة حازماً عادلاً شفوقاً كريماً. وكان شديد اليقظة كالصقر يدهش جنوده بسرعة تنقله بينهم ينام نومهم ويأكل أكلهم ويجلس معهم ويصغي إلى أقوالهم فيبث في قلوبهم الشجاعة. وكان لدى العزيز في لبنان من جنود حليفه الأمير الشهابي الكبير ما لا يقل عن عشرة آلاف مقاتل وقد صهرتهم الحرب رجالاً خبروا عساكر الدولة فيهـا مراراً وانتصروا عليها تكراراً يحسنون الرماية ويعرفون الأرض ويتقدون حماسة للتخلص من الأتراك وظلمهم. وكان العزيز قد أعاد النظر في أسطوله بعد نوارين فابتاع ما ابتاعه من أوروبة وأنشأ ما أنشأ في حوض الإسكندرية واستقدم رجال الاختصاص من فرنسه و[[W:ar:المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا|بريطانية]] فأصبح لديه في السنة ١٨٣١ ثلاث وعشرين سفينة حربية منها سبع فرقاطات وست قروبات وثلاثة أباريق وسبع سفن مدفعية وغيرها من النقالات الصغيرة. وكان عثمان نور الدين بك قائد الأسطول قد صرف سبع سنوات في أوروبة أجاد في خلالها بعض لغاتها [[W:ar:اللغة الفرنسية|كالإفرنسية]] و[[W:ar:اللغة الإيطالية|الإيطالية]] ووقف على مدى تقدم العلم فيها فعاد يؤيد الإصلاح بجد ونشاط وتقرب من العزيز فنـال شطراً وافراً من عطفه وأصبح نافذ الكلمة. وكان ذكياً خفيف الروح يتودد لرؤسائه ومرؤوسيه<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> 3ylprvccp9vcr17ecb86oeami3f7u39 صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/67 104 224421 405115 2022-08-14T23:54:19Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم||الفصل الرابع: العزيز والسلطان|٦١}}{{سطر}}</noinclude>فتألق نجمه وعقلت له راية الأسطول، وكان يعاونه في سفينة القيادة كل من الكابتين يوسون والكابتين هوسار الإفرنسيين. '''۲ - جيش السلطان:''' وكان السلطان محمود الثاني قد قضى على الإنكشاريين في السنة ١٨٢٦ واستعاض عنهم بجيش نظامي جديد لا يربو على خمسة وأربعين ألفاً. وعلى الرغم من شدة اهتامه بملبس هؤلاء ومأكلهم وراتبهم فإنه لم يوفق إلى تدريبهم فأعوزهم النظام والانضباط واسترسلوا في النهب والسلب. وكان على رأسهم رجل بدأ حياته حمالاً فجاسوساً ثم أصبح جلاداً فضابطاً فقائداً أعني حسين باشا سرعسكر الجيش العثماني. ألبسه السلطان كسوة القيادة العليا المعطف القصير المزركش وأهدى إليه سيفاً مرصعاً بالألماس وجوادين مطهمين وقلده رتبة المشيرية ولقبه بالمشير الأكرم وولّاه مصر وكريت و[[W:ar:إيالة الحبشة|الحبشة]]. {{وسط|{{أكبر|'''سير القتال'''}}}} '''١ - قيام الحملة:''' وخصص العزيز لبدء القتال خمسة ألايات من المشاة وألاي الحرس وأربعة ألايات من الخيالة وأورطة من المدفعين وأربعين مدفع ميدان وعشرين مدفع حصار وعشرة مدافع هاون وألف خيال من البدو فبلغ مجموعها خمسة وعشرين ألف مقاتل على أن ينضم إليها لدى وصولها إلى عكة عشرة آلاف مقاتل لبناني. ورأى العزيز أن تقوم هذه الحملة في أوائل السنة ١٨٣١ ولكن انتشار الكوليرا في مصر أخر مسيرها حتى خريف هذه السنة. فقامت طلائعها في الثالث والعشرين من شهر تشرين الأول من معسكر الخانقاه بقيادة اللواء إبراهيم يكن باشا ابن شقيقة العزيز ومرت [[W:ar:بلبيس|ببلبيس]] و[[W:ar:الصالحية (الشرقية)|الصالحية]] [[W:ar:قاطية|فقاطية]] و[[W:ar:بئر العبد|بئر العبد]] فالعريش ثم [[W:ar:خان يونس|خان يونس]] وغزة ومنها اتجهت إلى يافة. وكان إبراهيم باشا نجل العزيز قد قام من الإسكندرية على رأس ستة آلاف مقاتل متجهاً بحراً نحو يافة فوصلها في الثامن من تشرين الثاني. وما أن رسا أسطوله في مياهها حتى نزل وجهاتها وعرضوا عليه التسليم. فأوفد بلوكاً واحداً لهذه الغاية واستولى على مدافعها وذخائرها. ثم اندفعت كتيبة نحو [[W:ar:القدس|بيت المقدس]] فاحتلتها احتلالاً. وقام القائد الأعلى إلى عكة فبلغ [[W:ar:حيفا|حيفا]] في السابع عشر من تشرين الثاني وجعل منها قاعدة للهجوم على عكة<ref>راجع رسائل إبراهيم باشا إلى والده في هذه الآونة: المحفوظات الملكية المصرية ج١ ص ۱۲۷-۱۲۸</ref>. وفيها تقبل طاعة شيوخ نابلس وجنين الشيخ حسين عبد الهادي والشيخ قاسم الأحمد والشيخ عبدالله الجرار واستمع إلى شكواهم من<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> m8a6vqws3f5ugn7k4n83h90zb2fl4d1 صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/68 104 224422 405116 2022-08-15T00:07:55Z باسم 15966 /* صُححّت */ proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم|٦۲|بشير بين السلطان والعزيز|}}{{سطر}}</noinclude>سعد بك طوقان وقبل التماسهم فعين الشيخ حسين متسلماً على جنين وبلادها والشيخ محمد على نابلس وأحال إقليم المشاريق إلى عهـدة الشيخ عبدالله الجرار وإقليم بني صعب إلى عهدة الشيخ يوسف الجيوسي والشيخ عبد الوهاب الجيوسي. وكتب إلى الأمير بشير الشهابي يفيده بحضوره واستيلائه على يافة وحيفا<ref>يوحنا بحري إلى الباشمعاون ۱٤ و۱٥ جمادى الآخرة سنة ١٢٩٧ (۱۸۳۱): المحفوظات ج ١ ص ۱۲۸-۱۲۹</ref>. وفي العشرين الشهر من نفسه قامت طلائع الجيش إلى عكة للاستكشاف وواكبتها وحدات الأسطول. '''٢ - حصار عكة:''' وكانت عكة آنئذٍ بلدة صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها بضعة آلاف نسمة. وكانت قاعدة إيالة صيدا وحصنها المنيع. يُحدق بها سور داخلي هو سورها الصليبي القديم رممه ظاهر العمر في السنة ١١٦٣ للهجرة (١٧٤٩) وتوجه بأبيات أربعة لا تزال محفوظة على بلاطة رخامية في متحف البلدة: {{بداية قصيدة}} {{بيت|بأمر الله هذا السور قاما|بعکة من فتى بالخير قاما}} {{بيت|أبي الفرسان ظاهر المفدى|أعز الله دولته دواما}} {{بيت|فباطن بابه الرحمات فيه|وظاهره العذاب لمن تعاما}} {{بيت|وذا بالله صار حمى فأرخ|بناك الله فخراً لا يسامى}} {{نهاية قصيدة}} وكان هذا السور يشكل مخمساً هندسياً ضلعان من أضلاعه يواجهان البر في الشرق والشمال ويشكلان عند التقائهما زاوية حادة اشتهرت في أعمال الحصار. أما الأضلاع الثلاثة الأخرى فإنها كانت توازي الشاطئ فتحيط بالبلدة من الجنوب والغرب والشمال. وكان ارتفاع هذا السور في ضلعيه البريين حوالي الاثني عشر مترا وحوالي العشرة في أضلاعه البحرية. وكان له في نقاط معينة أبراج بارزة تزيده مناعة وقت الحرب وكان يحدق به عند البر خندق عميق عريض أنشأه الجزار بعد حصار نابوليون سنة ١٧٩٩. ولم يكن البحر عميقاً عند الأسوار البحرية فشكل بقرب قعره عقدة حربية عرقلت أعمال القصف في أثناء أي حصار بحري في ذلك العصر. وكان قد أنشأ الجزار في أواخر عهده أيضاً سوراً آخر من ناحية البر يحيط بالسور القديم ويوازيه في الشكل والعلو ولكنه يفوقه في العرض. فإن عرضه كان يتراوح بين الثلاثين والستين متراً. وزاده مناعة بأبراج مربعة أهمها بربح الباب «قبو برجي» عند الزاوية الشرقية الجنوبية وبرج النبي صالح بعده فبرج السبيل وبرج القومندار أو برج الزاوية<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> q223d0gzi7zk5kmypviertgwwr6ypa8 405117 405116 2022-08-15T00:08:45Z باسم 15966 proofread-page text/x-wiki <noinclude><pagequality level="3" user="باسم" />{{ترقيم|٦۲|بشير بين السلطان والعزيز|}}{{سطر}}</noinclude>سعد بك طوقان وقبل التماسهم فعين الشيخ حسين متسلماً على جنين وبلادها والشيخ محمد على نابلس وأحال إقليم المشاريق إلى عهـدة الشيخ عبدالله الجرار وإقليم بني صعب إلى عهدة الشيخ يوسف الجيوسي والشيخ عبد الوهاب الجيوسي. وكتب إلى الأمير بشير الشهابي يفيده بحضوره واستيلائه على يافة وحيفا<ref>يوحنا بحري إلى الباشمعاون ۱٤ و۱٥ جمادى الآخرة سنة ١٢٩٧ (۱۸۳۱): المحفوظات ج ١ ص ۱۲۸-۱۲۹</ref>. وفي العشرين الشهر من نفسه قامت طلائع الجيش إلى عكة للاستكشاف وواكبتها وحدات الأسطول. '''٢ - حصار عكة:''' وكانت عكة آنئذٍ بلدة صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها بضعة آلاف نسمة. وكانت قاعدة إيالة صيدا وحصنها المنيع. يُحدق بها سور داخلي هو سورها الصليبي القديم رممه ظاهر العمر في السنة ١١٦٣ للهجرة (١٧٤٩) وتوجه بأبيات أربعة لا تزال محفوظة على بلاطة رخامية في متحف البلدة: {{بداية قصيدة}} {{بيت|بأمر الله هذا السور قاما|بعکة من فتى بالخير قاما}} {{بيت|أبي الفرسان ظاهر المفدى|أعز الله دولته دواما}} {{بيت|فباطن بابه الرحمات فيه|وظاهره العذاب لمن تعاما}} {{بيت|وذا بالله صار حمى فأرخ|بناك الله فخراً لا يسامى}} {{نهاية قصيدة}} وكان هذا السور يشكل مخمساً هندسياً ضلعان من أضلاعه يواجهان البر في الشرق والشمال ويشكلان عند التقائهما زاوية حادة اشتهرت في أعمال الحصار. أما الأضلاع الثلاثة الأخرى فإنها كانت توازي الشاطئ فتحيط بالبلدة من الجنوب والغرب والشمال. وكان ارتفاع هذا السور في ضلعيه البريين حوالي الاثني عشر مترا وحوالي العشرة في أضلاعه البحرية. وكان له في نقاط معينة أبراج بارزة تزيده مناعة وقت الحرب وكان يحدق به عند البر خندق عميق عريض أنشأه الجزار بعد حصار نابوليون سنة ١٧٩٩. ولم يكن البحر عميقاً عند الأسوار البحرية فشكل بقرب قعره عقدة حربية عرقلت أعمال القصف في أثناء أي حصار بحري في ذلك العصر. وكان قد أنشأ الجزار في أواخر عهده أيضاً سوراً آخر من ناحية البر يحيط بالسور القديم ويوازيه في الشكل والعلو ولكنه يفوقه في العرض. فإن عرضه كان يتراوح بين الثلاثين والستين متراً. وزاده مناعة بأبراج مربعة أهمها برج الباب «قبو برجي» عند الزاوية الشرقية الجنوبية وبرج النبي صالح بعده فبرج السبيل وبرج القومندار أو برج الزاوية<noinclude>{{سطر|15em|align=right}} {{مراجع مصغرة}} [[تصنيف:بشير بين السلطان والعزيز (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية)]]</noinclude> 58yg3dwo9offb1qgzxo6tkjdhvxfwml